للآباء طموحاتهم وآمالهم في أبنائهم, وأكثر ما تلح هذه الآمال والصور والطموحات عليهم حينما يرون نماذج من الأطفال المتميزين والمبدعين, فترتسم في مخيلتهم صور أبنائهم المستقبلية كما يحبون أن يرونها, وكل ذلك مشروع وأمر طيب ومطلوب أيضا.


إلا أن أكثر الآباء يرتكب خطئا كبيرا حين يحاول أن يضغط على ابنه من خلال مقارنته بغيره سواء من أخوته أو من أقرباءه أو حتى أصدقاءه وغيرهم, متغافلين أو غافلين عن أن الفوارق الفردية سواء على صعيد الذات والشخصية أو على صعيد البيئة والظروف الخارجية, والمشكلة الخطيرة هي أن الطفل يفهم عبارة (فلان أفضل منك) أنه شخص غير طبيعي , وأنه مختلف عن الآخرين وإلا فلماذا لا يمكنه أن يكون مثلهم.





والمشكلة الأخطر من ذلك هي أن يصبح المعيار في تقييم الطفل لذاته هو مقارنة نفسه بالآخرين, لأن هذه المقارنة تغفل مسألة الفروق الفردية ,لأن هذا ربما يقود الطفل إلى الضغط على نفسه وتحميلها ما هو فوق طاقتها لكي يكون كـ (الآخرين) ولعله يوفق لأن يحقق ما يحققون إلا أنه أبدا لن يكون سعيدا رغم نجاحه, كما أنه ربما لشدة ما حمل نفسه فوق طاقتها ينقلب في انتكاسة إلى الاسترخاء والتهاون وترك الحبل على الغارب, إلى الحد الذي لا يبالي فيه حتى بأبسط مسؤلياته التي هو قادر عليها.





فضلا عن أنه ربما فشل -رغم محاولاته- أن يكون كـ (الآخرين) ولأن المعيار الذي بات يحدد نجاحه الآن هو مقارنة نفسه بالآخرين, فإنه سيحمل نفسه عبء وثقل الفشل في تحقيق أمر ليس هو ما يناسب إمكانياته وقدراته فهو فشل وهمي في الواقع وإن كان حقيقا في خيال الطفل!


وأخيرا وليس آخرا إن هذا الاتجاه يفضي لأن تكون مرجعية الطفل في تقييم نفسه خارجية وليست داخلية فلا يوجد في قرار نفسه اقتناع بما يقوم به ولكن يقوم به لأنهم يريدونه هكذا الأمر الذي يولد في داخله شعورا بالاغتراب عن نفسه.


من هنا يجب أن يدرك الآباء أن مقارنة الطفل بنفسه دائما هو أجدى وأنفع, قل له: أنا أعلم جيدا أنك تستطيع أن تقدم أفضل من ذلك, أنت أفضل من ذلك بكثير , قدراتك كبيرة ومواهبك عظيمة فلا تستهن بنفسك!