فساد الراعى والرعية .. سقط الراعى فأين البقية .

فساد الراعى والرعية .. سقط الراعى فأين البقية ؟! .

فى ثمانية عشرة يوما أسقطت الرعية راعيها وخرجت ترفض رعايته لها التى دامت قرابة الثلاثين عاما ومن قبلها كان نائبا للراعى الراحل أنور السادات .

لا شك أن هذا الراعى يستحق كل ما تفعله فيه الرعية بل وأكثر من ذلك ولكن لا تنكر الرعية أنه كان هناك حبلا من الفساد ممدود بين الراعى وبين رعيته ذلك الحبل الذى كانت تتغذى منه بعض الرعية كل أساليب الظلم والفساد والاستبداد وتتلقى منه ما يستقر فى نفسها فتنضحه على غيرها فى غير أدب أو إيمان .

لقد خلف الراعى خلفه جيوشا من عدم الانضباط والتسيب والاهمال وفساد السلطة وتداعى عقيدتها البناءة فى نفوس الناس فلم يعد من أهل الفضل من يرى فى السلطة خيرا مطلقا فيفرون منها فرار السليم من الأجرب ويهجرونها هجر الحاقد الحانق لما أودت به من أربابها ومحبيها وميممينها .

صور فساد الرعية كثيرة وليست عصية على الاستذكار كما أنها ليست عصية أيضا على الحصر ونخص منها شريحة من المجتمع نتعامل معها كل يوم من ليل أو نهار فلا يكاد يمر يوم دون مجاورتها أو النهل من معين خدماتها غير أنها من طول فسادها وضياع أخلاق أربابها باتت منبوذة من كل طوائف المجتمع حتى وإن لم يؤد ذلك إلى نبذها أو الإعراض عنها .

إنها شريحة السائقين والعاملين فى هذه المهنة, لو تأملت حالهم اليوم وأمس لهالك ما وصل إليه حالهم من تدن فى الأخلاق وسوء فى معاملة الناس وضياع للأمانة ومفاسد أخرى يغنى وجودها عن الخوض فيها غير أننا نبدوا وقد ألفنا منهم هذه العادات الدميمة على فظاعتها لدى بعضنا إلا أن معظمنا رأى أنه لا سبيل إلى تغييرها ومجرد العمل على ذلك مضيعة للوقت وهدر للأموال .

ماذا لو حاولنا أن نتفهم سويا طبيعة هذه المشكلة التى تخصنا أكثر من غيرنا وتحضنا على العمل لإصلاحها حتى تسلم ركوبتنا وتسلم معها مباهجنا التى كانت ولا تزال تنطفئ على عتبة موقف السيارات الذى ستبدأ منه الرحلة ويكون منه أول المشوار .

إن أول ما يتبادر إلى الذهن هو المستوى الثقافى المتدنى لدى هذه الشريحة من الناس وكذلك المستوى التعليمى فهذه المهنة هى مهنة من لا مهنة له فكان الفرد إذا فشل فى الدراسة وفشل حتى فى تعلم مهنة جيده يكسب منها رزقا حلالا فإنه يلجأ إلى مهنة القيادة فيصير سائقا بعد بضعة أيام من التعلم فى مدرسة أو كما يحدث غالبا على أيدى بعض السائقين القدامى .

المستوى الثقافى المتواضع الذى لا يغذيه علم أو ثقافة عامه أو أخلاقيات مفتقده له أبلغ الأثر فى وصول الداء إلى هذه المرحلة الخطرة فالكثير من السائقين لا علاقة لهم بالجرائد اليومية إلا أنهم يتناولون عليها فطورهم على إحدى المقاهى ولا يربطهم بمفهوم الكتاب إلا ما يتبادر إلى أذهانهم لأول وهلة أنه كتاب الزفاف أما قنوات الأخبار أو الثقافه على الراديو فليست إلا محاولات خاطئه منه أثناء بحثه عن قنوات الأغانى أما المسجل فقلما يقع بين جوانبه شريط هادف وإنما كلها أو أغلبها أشرطة تسبب الصداع وتذهب بالبرج الباقى فى الدماغ .

فما الحل إذا ؟ وكيف الخلاص من الداء ؟

أرى أنه بدلا من البكاء على الحال الذى وصل إليه هؤلاء الناس ومصمصة الشفاه لما أصابهم من قرح فى الفهم والأخلاقيات علينا أن نتخذ خطوات عملية لنصلح بها ما فسد منهم وننمى ما بقى فيهم من صلاح فمثلا لماذا لا تخصص لهم الدولة بالاشتراك مع أهل الفضل مدارس لاحتراف القيادة ويجبر كل السائقين على ارتيادها للحصول على رخصة احتراف القيادة يتعلمون فيها قيادة السيارات وإصلاح أعطالها التى قد تواجههم على الطريق أثناء سيرهم ويتعلمون فيها الأخلاقيات التى يجب عليهم أن يتعاملوا بها مع الناس ولا يتم منح رخصة الاحتراف هذه إلا لمن يرتاد المدرسة أو تلغى رخصته السابقه وبهذا نكون أوقفنا سرطانا خبيثا تفشى فى ضمائر هؤلاء وأخلاقهم فننقذ منهم ما يمكن إنقاذه .

أنا أحلم فهل تحلم معى بالسائق الذى تجده حين تصعد إلى الحافلة يمد يديه إلى الداخل ويقول تفضل وإذا تكلم مع غيره لا يسب ولا يلعن وإذا قابل سيدة أو شابة لا يزيغ بصره وينطلق لسانه فى غير أدب .

أسأل الله أن نبلغ هذه الفضل إنه ولى ذلك ومولاه .

 

جزاك الله خير على الموضوع الجميل

 

يعطيك العافية على الموضوع