أنا عارف الموضوع طويل بس ان شاء الله هيعجبكم
الموضوع جزئين ... حوار موسى مع الفرعون وازنزال الحوار على واقعنا الذى نحياه

موسى والفرعون .. ما أشبه اليوم بالبارحه .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من بين أروع ما حكى الله تبارك وتعالى فى القرآن الكريم قصة نبى الله موسى عليه السلام وما كان من خبره مع الفرعون الظالم وكيف لا والله يقول مخاطبا حبيبه محمد " نحن نقص عليك أحسن القصص " .
وما كان من خبر موسى مع الفرعون من أكثر ما يمكن أن نتعلم منه فى زماننا هذا وفى كل زمان آت فالله سبحانه وتعالى جعل القرآن معلما لنا على مر العصور وحتى قيام الساعة أودع فيه من حكمته وعلمه ما يصلح كل زمان ومكان حتى قال عنه جل وعلا " ما فرطنا فى الكتاب من شئ " .
وفى هذا المشهد الذى يحكى فيه ربنا جل وعلا اللقاء الذى جمع بين موسى رسول الله وفرعون مصر الظالم المتجبر المتكبر المستعلى الذى قال أنا ربكم الأعلى يظهر لنا حكمة نبى الله موسى التى آتاه الله إياه وصدق ربى حين أخبر عنه فقال " ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما " فكان من ذلك العلم والتوفيق ما كان من ظهوره على فرعون وجنده حتى نجاه الله وصحبه وأغرق الفرعون ومن معه حتى يتحقق قول الله تعالى " إنا لننصر رسلنا " صدق الله العظيم .
بعد أن أمر الله موسى من على جبل الطور أن يذهب إلى فرعون لأنه طغى وتجبر فى الأرض بغير الحق وبعد أن أعطاه الله معجزة العصا ويديه التين كانتا بيضاء كنور الشمس وبعد أن طلب موسى من ربه أن يشد أزره بأخيه هارون وقبول الله لذلك أنطلق نبى الله موسى إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده وهناك حدث ما نحن بصدده .

بدأ موسى كلامه مخاطبا الفرعون بما أمره الله به وطلب منه الطلبين الذين أمره الله بهما إذا قال الله
" فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "
وعلى الفور كان رد الفرعون مذكرا موسى بما كان من رعايتهم له وتربيتهم إياه وكأنه يمن عليه ويتفضل وكيف أنه جازى رعايتهم له هذه أن كفر بنعمتهم وقتل منهم نفسا فقال الفرعون
" قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين "
فرد موسى على الفرعون نافيا أن يكون قتل الرجل عمدا بل عن خطأ إذ أراد فقط تأديبه ... قال موسى
" فعلتها إذا وأنا من الضالين " من الضالين أى من المخطئين ويقول ابن عباس من الضالين أى من الجاهلين ثم عقب موسى وقال
" ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين "
ثم استنكر موسى على فرعون منه عليه بأن رباه وأحسن إليه وهو الذى أساء إلى قومه واستعبدهم .. فقال موسى
" وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل " أى استعبدتهم وأسأت إليهم

فقطع فرعون هذا الحوار بسؤاله الصارخ المدوى الذى سيقلب الحوار إلى الأمر الذى جاء من أجله موسى فقال فرعون
" وما رب العالمين "
هنا استجمع موسى بلاغته ورباطة جأشه فهو سيتكلم عن رب العالمين أمام فرعون يدعى أنه إله فلابد أن يثبت لرب العالمين ما لا يستطيع فرعون أن يثبته لنفسه .. فقال موسى ردا على سؤال الفرعون
" قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين "
وهنا اتبع الفرعون أسلوب التسفيه والسخرية من موسى حتى يقلل من شأنه ومن شأن قوله ويصرف الناس عن الإنصات له بقلوبهم فقاطع الفرعون موسى ...
" قال لمن حوله ألا تستمعون " أى ألا تستمعون إلى هذا الكلام وتعجبون منه وهو يشير إلى موسى فى سخرية .
فلم ينتبه موسى إلى قول الفرعون وإنما استمر فى بيان عظمة ربه إلى الحضور ... فقال موسى
" قال ربكم ورب آبائكم الأولين "
وهنا انتقل الفرعون من تسفيه كلام موسى إلى تسفيه موسى نفسه حتى لا يأبه الناس له ولقوله فاتهمه بالجنون يقول الله على لسان فرعون
" قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون " فوصفه رسولا استهزاء وأضافه إلى المستمعين " رسولكم " استنكافا أن ينسبه لنفسه
فكيف كان رد موسى عليه الصلاة والسلام ؟
هل انتصر موسى لنفسه ورد على اتهام الفرعون له بالجنون ؟
لا لم يحد موسى عن دعوته وكأنه يعلمنا ألا ننتبه إلى من يطعن فينا طالما أننا أصحاب رسالة ودعوة فمحور الأمر هو الدعوة لا حملتها وطالما أنك تبلغ دعوتك فلا تنتبه إلى من يشكك فيك أو ينتقص منك فالله يؤيدك ويؤيد دعوتك فلم ينتبه موسى إلى إتهام الفرعون ولم يرد عليه وإنما أمعن فى تعظيم ربه وإيضاح قدره قال تعالى حكاية عن موسى
" قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "
وهنا علم الفرعون أن موسى لن يطعن فيه سخريته ولا استهزاؤه كما أن موسى لم ينتبه له ولم يحد عن مسار حواره والناس تسمع إليه فانقلب من السخرية إلى التهديد والوعيد يقول تعالى على لسان الفرعون
" قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "
هنا علم موسى أنه أغضب الفرعون وأن الفرعون لم يعد بجعبته قدر من صبر فلو استمر موسى يبين عن الله لضاق الفرعون به وفزع إلى جنوده ليفتكوا بموسى فتحول موسى إلى الإثبات العملى على نبوته ورسالته حتى يجبر الفرعون على السماع يقول الله حكاية عن موسى
" قال أولو جئتك بشئ مبين "
هكذا قالها موسى فى تلطف طمعا فى إيمانه وهنا أثار موسى عليه السلام فضول الفرعون وجعل الفرعون يتطلع إلى ذلك الشئ المبين فهو بذلك لن يقطع دعوة موسى ولن يفتك به حتى يرى ما لديه وبهذا يستطيع موسى أن يبرهن على أنه رسول من عند الله أمام الناس .. يقول الله على لسان الفرعون
" قال فأت به إن كنت من الصادقين "
فما كان من موسى إلا أن فعل ما أمره الله به يقول تعالى
" فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "
ثارت ثائرة الفرعون وكأنه علم أن ما جاء به موسى حق مبين فخشى على الناس والملأ من حوله أن يفتتنوا بما صنع موسى فعلى الفور رماه بالسحر وقد كان السحر فى زمن موسى معلوما لدى الناس ومشهورا بينهم وكان السحرة يحوذون إعجاب الناس لما يصنعونه ولكن فى النهاية يعلم الجميع أنه سحر وليس حقيقة ولهذا رد الفرعون على معجزة موسى سريعا
" قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون "
وإن كنت تعجب فما أعظم أن تعجب من ذاك الفرعون الذى كان منذ لحظات يستبد برأيه ولا يرى أحدا يصلح أن يشاوره فى أمره إذ أن الملك ملكه والسلطان سلطانه فبعد أن رأى ما جاء به موسى خاف على قومه أن يتبعوه فتنزل إلى مشاورتهم بعد أن كان مستبدا برأيه وقال " فماذا تأمرون " أى أشيروا على ماذا نفعل معه .
وهنا جاء دور حاشية السوء والضلال الذين ظنوا كما ظن الفرعون أن ما جاء به موسى إنما هو السحر فأشاروا على فرعون أن يؤخر أمر موسى وأخيه وأن يبعث إلى أعظم السحرة من أرجاء المملكة ليجتمعوا لموسى ويكون ذلك أمام الناس ليعلم الجميع كذبه وأخيه وكأنهم ظنوا أن موسى سيهزم وأخاه أو كذلك هيأ الله لهم حتى يجتمع الناس جميعهم فى صعيد واحد ويظهر موسى بدين الله على فرعون وملئه يقول الله تعالى حكاية عن ملإ فرعون
" قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم "

وإلى هنا انتهى الحوار بين موسى والفرعون وانفض المجلس على موعد باللقاء بين موسى وسحرة فرعون واشترط موسى أن يكون اللقاء يوم الزينة أى يوم العيد وأن يحشر الناس فى الضحى وكان ما تعلمون .

أولا .. هل نظرت معى كيف أدار موسى عليه السلام الحوار مع الفرعون وكيف أنه ظل ماضيا فى دعوته ولم يلتفت إلى الفرعون ولا إلى تشتيتاته له أو إتهامه إياه .
هكذا يجب على الداعية إلى الله إن لا ينتصر إلا لدعوته وأن ينكر حظ نفسه فإن أثنى عليه أحد يقول إنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وإن أساء إليه أحد فليعلم أن دعوته التى يحملها أعظم من نفسه وأجدر أن ينتصر لها لأن الدعوة هى التى ستصدع قلب ذلك الحاسد يوما ما وليس الداعية ورسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الدعاة لم يغضب لنفسه قط وإنما كانت غضبته لله حتى أنه سأل أصحابه يوما وقال ألا تعجبون كيف يصرف الله عنى أذى قريش قالوا الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وسلم إنهم يسبون مذمما ويشتمون مذمما وإنما أنا محمد فكان المشركون إذا أرادوا أن يسبوا رسول الله قلبوا اسمه مدمما بدلا من محمد .

ثانيا .. هل تمعنت فى أسلوب الطغاة من الحكام وكيف أدار فرعون الحوار مع موسى من جانبه فبدأ أولا بالسخرية منه والتقليل من شأنه ثم لما لم يجد جدوى ذلك انتقل إلى التهديد والوعيد والإرهاب والتخويف فلما ظهرت البينة أخذ يكذب موسى ويتهمه بما ليس فيه من السحر ثم جمع له السحرة حتى يفضوا الناس من حوله لما يعلم لهم من منزلة وتعظيم فى نفوس الناس .
هل لا حظت وجه الشبه بين فرعون الأمس وفرعون اليوم لقد انتهج مبارك نفس نهج الفرعون وكأن أساليب الطغاة فى رد الحق واحدة فبدأ مبارك أولا بالتقليل من شأن المتظاهرين الرافضين لحكمه والسخرية منهم هو وقائده حبيب العادلى على مدى ثلاثة أيام من يوم الثلاثاء 25 يناير بداية الثورة حتى يوم الجمعة فلما لم تجدى السخرية والتطنيش كما نقول أدار الدفة إلى الخطوة الثانية وهى التهديد والوعيد فكان ما كان يوم الجمعة حين أمر العادلى قواته يوم الجمعة أن يفتحوا النار على أعنتها فى صدور المتظاهرين علهم يخافوا حين يرون القتلى يسقطون من حولهم والدماء تغطى أيديهم ووجوههم فلما لم يفلح أسلوب التهديد والتخويف ووجد أن المتظاهرين تقوى شوكتهم ويلتف الناس من حولهم وتظر بينتهم على رؤوس الأشهاد .
وهنا لجأ إلى التكذيب والتخوين فشن الإعلام الحكومى الفاسد حملة التخوين والتكذيب للمتظاهرين وأنهم عملاء مأجورون وأنهم أصحاب أجندات وكشاكيل خارجية وأنهم مسيرون من قبل دعاة الفتنة والتخريب محاولين فض الشرعية من حولهم وحمل الناس على ذمهم ووقف تأييدهم فلما لم يفلح هذا الأمر بفضل الله ثم بفض الإعلام الحر الذى قادته قنوات الجزيرة والعربية لجأوا إلى الحيلة الأخيرة التى لجأ لها فرعون الأمس ألا وهى السحرة فاستعان المخلوع ونظامه الهالك بكل من لهم شأن أو يظن ذلك من شخصيات عامة أمثال السيد عمرو موسى الذى نزل إلى الميدان يحاول حمل المتظاهرين على العودة إلى بيوتاتهم والسيد نجيب ساويرس وغيرهم كما استعان النظام ببعض الدعاة إلى الله الذين لم يدركوا أنهم يستغلون من قبل نظام فاسد مستبد باسم الاستقرار والأمن فرأينا الشيخ الداعية محمود المصرى أعزه الله على القناة الأولى يدعوا الشباب المتظاهرين إلى العودة وإخلاء الميدان دعما لاستقرار البلاد وخوفا عليها من الانزلاق نحو الهاوية .
واستعان أيضا بالزمرة الضالة المضلة زمرة الممثلين والممثلات والمغنيين والمغنيات ولعل أبرزهم المهرج المضل تامر حسنى الذى خرج من ميدان التحرير باكيا بعد أن وجه إليه المتظاهرون تحية مضمنة باللكمات والسباب فغادرهم يحمله أصحابه ولسان حاله ( آه يانى يامه يانى يامه يانى ) . ولكن فشلت كل هذه المحاولات ولم يستمع المكتظاهرون لأى ممن دعاهم إلى فض المظاهرات سواء من أهل الفضل أو من أهل الفضلات ( الزبالة أعزكم الله ) وذلك ليقضى الله أمرا كان مفعولا .
فما أشبه الماضى بالحاضر وما أشبه فرعون الأمس بفرعون اليوم فكلهم فراعين وكلهم طغاة وكلهم جهال بمراد الله .

 

مجهود رائع جدا
وموضوع جميل تسلم ايدك

 

طيب خلى دا لحد قرا الموضوع هههههههههههههههههههه

بس ميرسى على مرورك

 

جزاك الله خير على الموضوع الجميل