الشَّبَه القاتل.. بما أن السن بيني وبين أخي محمود ليس كبيراً؛ بل هي سنة أو ربما بضعة شهور؛ فكان من يرانا يسلِّم بأننا توأم نظراً للشبه الكبير الذي كان يجمع بيننا.. طبعاً الموضوع ده كان جامد جداً بالنسبة لمحمود.. وإحنا في المدرسة كان محمود دايماً بيلعب في فناء المدرسة -الحوش يعني- وكان بيتخانق مع الأولاد باستمرار ويقطع شنطهم ويضربهم، وطبعاً كان كل مرة الموضوع ينتهي في مكتب الناظر أو المديرة:

أنت يا ابني اسمك إيه؟ وفي سنة كام؟ ولاّ فصلك إيه؟

يرد محمود:
اسمي محمد وفي سنة ثالثة أول.

المدير:
بتضرب العيال بتوع سنة تانية ليه؟ عشان أنت أكبر منهم يعني وشايف نفسك؟ ولا إيه؟ ماشي يا عم محمد أفندي وده جواب استدعاء وليّ أمرك.

وفي طريق العودة للبيت طبعاً الجواب بيتقطّع، ويدّعي محمود المرض، وتاني يوم يغيب عن المدرسة، وأنا عادي رايح مدرستي شايل كراستي باغني أغنية عمرو دياب الشهيرة "أفريقيا ونقولها تاني بالحب اتجمعنا والدنيا هتسمعنا والليلة أجمل أعيادنا.. أفريقيااااااا".

حتى أصل للمدرسة وأدخل الفصل وع الفسحة كده يدخل الناظر ويقول فين الطالب اللي اسمه محمد صلاح ده؟

بكل ثقة أقوم أقف وأقول في عقل بالي أكيد حضرة الناظر سمع عن إلقائي للشعر وعايزني أدخل المسابقة السنة دي كمان زي السنة اللي فاتت، لأ ده أكيد جاي يتحايل عليّ عشان أكون حارس مرمى المدرسة بعد ما سمع عن موهبتي في حراسة المرمى. ووسط هذه الأفكار أجد صرخة من الناظر تجعلني انتفض من مكاني:
أنت يا بني آدم فين وليّ أمرك؟ انطق يا ولد.

وبرجفة ودموع تملأ العينين:
وليّ أمري أنا يا حضرة الناظر؟! طب ليه؟

الناظر: أيون اتمسكن يا واد اتمسكن، أنت مش عارف عملت إيه يا بني آدم إمبارح.

أنا: لا والله يا أستاذ هو أنا عملت إيه بس؟ والله ما عملت حاجة؟!!

الناظر وعلامات الغضب تملأ وجهه:
طب حصلني ع المكتب وأنا أقولك عملت إيه!!!!

وفي المكتب عينك ما تشوف إلا الضلمة والخرزانة وكلمات الناظر التي تخرج مصحوبة بجراكن مياه من فمه.

وبعد علقة سخنة لا أعرف السر الذي يختفي وراءها.. وجدت أخي ينتظرني في البلكونة -قلب الأخ بقى- وبمجرد دخولي قال لي:
اتأخرت ليه هو حصل حاجة؟

أنا: أولاً أنا ما أتأخرتش، ليه بتسأل السؤال ده؟
محمود: عادي باطمّن عليك، يعني اليوم عدى عادي؟

أنا وقد بدأت تتضح الأمور أمامي وأعرف سبب العلقة إياها والدخان يتصاعد مني شيئاً فشيئاً:
هو أنت اللي ضربت العيال وخدت جواب الاستدعاء يا ابن الـ.......!!؟

في نفس اللحظة يقول محمود وهو يهرول مسرعاً:
ماماااااااااااااااااا الحقيني.

أنا: الحقيني، ده أنا هاخليها تنجّدك مكان المراتب، خد ياااااااااض.

محمود:
والنبي يا محمد خلاص آخر مرة، أصل أنا خفت من ماما والله، وأنت عارف، وأنا كنت فاكر عم الناظر ده بيجعجع ع الفاضي.. خلاص يا محمد وأنا والله هاخلي ماما توافق إنك تروح التمرين النهارده وهاقنعها إنك تروح على طووول بدل ما هي خانقاك، والله ما تستغربش يوضع سره في أضعف خلقه.

أنا: قصدك أخبث خلقه يا كداااااب، بس ع العموم لو خليت ماما توافق أنا هاسامحك.
وبالفعل نجح المفعوص الصغير أبو حنفي في إقناع الحاجّة ماما في أن توافق على ذهابي للتمرين يومياً...
"ومرت سنين كتييييييير أوي"

وتخرجت أنا من الجامعة ومن ورائي أخي محمود الذي مازال يشبهني بشدة.. وقررنا أن نشتري سيارة مشاركة بالنصف بيننا على أن نقسِّم أيام الأسبوع بيننا.. وبالفعل تحقق المراد ووصلت السيارة الصغيرة محملة بأحلامنا؛ لكن هناك مشكلة؛ فلدينا رخصة واحدة باسمي؛ لكن هيهات ما المشكلة، فالشبه بيننا كفيل بأن يجعل الأمر طبيعياً لأي شخص -دي الحاجّة لسه بتتلخبط بيننا- وبالفعل استخرجنا بدل فاقد لرخصتي وأصبح كل منا يسير برخصة تحمل اسمي، ومرت حوالي ثلاثة شهور، ومررنا على أكثر من كمين ونقطة تفتيش والأمر عاااادي خاااااااالص.

حتى جاء اليوم الذي استخرج فيه محمود رخصة قيادة باسمه، وسار كل منا برخصته الخاصة به.

وبالمناسبة نسيت أقول لكم أنه رغم الشبه الكبير بيننا في الشكل إلا أن الفارق كبير بيننا أيضاً في الطباع؛ فالحمد لله رغم أني من المعروفين بقيادتهم المتهورة للسيارات وجنون السرعة؛ إلا أن أخي -والحمد لله- يفوقني بكثير؛ فهو -والحمد لله- كلمة جنون السرعة والتهور في القيادة تنطبق ولا فخر على محمود.. فأنا تلميذ في مدرسته.

وبسب هذا التهور وقعت الفأس في الرأس، وبلغة القيادة (لبس محمود في العربية اللي قدامه)، وطبعاً الدنيا اتقلبت، أصل محمود خبط عربية بي إم دبليو؛ أيون أُم 300 ألف دي.

والأدهى أنه بالرغم من أنه الغلطان؛ إلا أنه ما شاء الله نزل يزعق لصاحب السيارة ويهب في أي حد يلمح له أنه هو المسئول، والناس أتلمت.. حتى وصلت الشرطة على عادة الأفلام العربي في آخر المشهد وطلبوا إبراز رخصة القيادة من الشخصين.. فقام أخي الذي وجد نفسه فجأة تحت المساءلة القانونية، وأن الفهلوة والصوت العالي لن يجديا في مثل هذه الأمور..

فاضطر أخي -الله يبارك له- لإبراز رخصتي البدل فاقد للضابط الذي قام بتحرير محضر على الفور، وكعادته وهو صغير اختفى أخي بحجة أنه منهمك في العمل ولا يستطيع العودة إلى البيت قبل عدة أيام وربما شهور –عملها وخلع.

فجأة وبدون سابق إنذار وجدت نفسي مطلوباً للمساءلة القانونية.. وبالفعل توجهت إلى قسم الشرطة وقابلت الراجل صاحب المشكلة الذي مجرد أن رآني أشار بأصابع الاتهام إليّ وتمتم بكلمات غير مفهومة -أكيد بيشتم- وهو يستشيط غيظاً.

فدخلت عليه بابتسامة وتأسفت له عما بدر مني -اللي هو أخويا يعني- ووعدته بإصلاح كافة التلفيات في سيارته ليتغير حال الرجل مبدياً علامات الدهشة على وجهة مقسماً 100 يمين وحالفاً بجميع أيمانات المسلمين أنه -يقصد أنا- تم تبديلي من النقيض إلى النقيض أو أن الدنيا اتغيرت وبقى فيها خير، وقابل الرجل تغيير موقفي -على حد قوله- بموقف أكثر شهامة بأنه مستعد للتنازل عن المحضر وتحمل تلفيات سيارته؛ لكن ليس قبل أن أفسر له سبب التغيير المفاجئ؟

فأجبته: الشبه..
فرد: إيه؟

قلت له: فيلم أجنبي اسمه الشبه.. الشبه

لتعود بيّ السنين إلى الوراء وأقف عاجزاً أمام ورقة المحضر قائلاً:

ماااااااااااااااااااااااااااااما الحقيني يا مااااااااااما.








برق السماء (احب المشى تحت الامطار حتى لاتظهر دموعى) اختلفنا من يحب الثانى اكثر فاتفقنا انا اكثر وانت اكثر..................

 

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
نايس فيلم

 

ميرسى لمرورك يا خالد